رغم الفقر والأخطار.. هوس تجميل الأنف يزداد في إيران بحثاً عن الجمال ومكانة اجتماعية عليا
رغم الفقر والأخطار.. هوس تجميل الأنف يزداد في إيران بحثاً عن الجمال ومكانة اجتماعية عليا
في بلد تُفرض فيه القوانين الصارمة حدودًا على مظهر المرأة، أصبحت ملامح الوجه، ولا سيما الأنف، ساحةً حقيقية للتعبير عن الذات في إيران، فقد خضعت جميع نساء عائلة عارضة الأزياء آزاده لعمليات تجميل أنف، رغبةً في ملامح تتماشى مع معايير الجمال العالمية.
وبالنسبة لآزاده، البالغة من العمر 29 عامًا، كانت إزالة النتوء من أنفها، الملقّب محليًا بـ"الأنف الفارسي"، نقطة تحوّل في حياتها وفق فرانس برس.
قالت آزاده: "بعد العملية، حصلت على عمل في عرض الأزياء رفع من مكانتي، وزاد من دخلي ثلاثة أضعاف"، مضيفة أنها اقترضت كلفة الجراحة من أقربائها وأصدقائها، لكنها تعدها استثمارًا ناجحًا.
عمليات التجميل تتحول إلى ثقافة
شهدت العاصمة طهران وغيرها من المدن الإيرانية انتشارًا واسعًا للإعلانات الخاصة بعيادات التجميل، تتوعد بأنوف متناسقة وبشرة نقية وابتسامات مثالية. ويصادف المارة يوميًا رجالًا ونساءً بضمادات على الأنف، في مشهد يعكس مدى عمق هذه الظاهرة.
ويرى الجراح حميد رضا حسناني، الذي يُجري قرابة 20 عملية أسبوعيًا، أن الأمر تجاوز حدود الطب ليتحول إلى "ظاهرة ثقافية".
وأوضح أن الجراحة التجميلية لم تعد فقط للزينة، بل أصبحت مرتبطة بالهوية والمكانة، خاصة بين النساء اللواتي يتحدين القيود المفروضة على اللباس والمظهر، والتي تصاعدت بعد احتجاجات عام 2022 إثر وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق.
تكاليف مرتفعة مقارنة بالدخل
في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة وعقوبات دولية خانقة، تصل تكلفة عملية تجميل الأنف العادية إلى نحو ألف دولار، أي عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور، بحسب الجراح حسناني.
لكن رغم التحديات المعيشية، يبقى الإقبال كبيرًا، فقد أعربت ريحانة خوشحالي، وهي مساعدة جراحية في الثامنة والعشرين، عن ندمها لأنها لم تُجرِ العملية في وقت أبكر.
وقالت: "أنفي لم يكن جميلًا، وأردت أن أكون أكثر ثقة. لو عاد بي الزمن، لما انتظرت".
حين يُصبح الجمال قاتلًا
مع تصاعد الطلب، ازدهرت عيادات غير مرخصة للتجميل في إيران، ما دفع السلطات إلى تحذير المواطنين من أخطارها، ففي فبراير، أُغلق عدد من غرف العمليات في مستشفى "أبادانا"، وأوقف 12 طبيبًا غير مرخّص لهم، بحسب وزارة الصحة.
وفي نوفمبر 2023، توفيت ثلاث نساء في يوم واحد خلال عمليات تجميل منفصلة في طهران، في حوادث سلّطت الضوء على الجانب المظلم لهذه الظاهرة.
وقالت الشابة آفا غولي، التي تنوي الخضوع للجراحة، إنها بحثت طويلًا عن طبيب موثوق، مضيفة: "رأيت عمليات فاشلة، وهذا أخافني كثيرًا، لكنني ما زلت مصمّمة".
رجال أيضًا يبحثون عن التغيير
تجاوزت عمليات التجميل في إيران حاجز النوع الاجتماعي، فبات الرجال أيضًا يسعون لتحسين مظهرهم. قال بهادور صيادي، محاسب يبلغ 33 عامًا، إنه اقترض المال من أجل إجراء عملية زراعة شعر قبل زفافه.
وأضاف: "وضعي المالي صعب، لكنني حصلت على قرض وسأجري العملية قريبًا، الرجال أيضًا يجب أن يعتنوا بمظهرهم في هذا العصر، تمامًا كالنساء".